أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

السبت 24 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 22 أكتوبر 2011 12:15

- شرح الأصول الثّلاثة (2) أهمّية العلم بالله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

قوله: ( يجب ) والواجب هو ما أمر الله به على وجه الإلزام، وحكمه: أنّه يُثاب فاعله امتثالا، ويستحقّ تاركه العقاب.

وقولنا: (امتثالا) قيدٌ يخرج به من عمل الوادب دون نيّة التقرّب إلى الله، فلا يُثاب.

وقولنا: (يستحقّ تاركه العقاب)؛ لأنّ العاصِي داخل تحت المشيئة كما هو مقرّر.

قوله: ( علينا ): إشارة إلى أنّ تعلّم هذه المسائل واجب وجوبا عينيّا.

والواجب العينيّ ( فرض العين ) هو: ما يطلب من كلّ واحد بذاته، فيجب على كلّ مكلف فعله، و يأثم بتركه.

والواجب الكفائيّ ( فرض الكفاية ) هو: ما يُطلب لا من كلّ واحد بذاته، فإذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإن لم يقم به أحد أثِم القادر عليه. من ذلك تعلّم علوم الآلة من لغة وحديث، وأصول، والطبّ والصّناعات.

ومن الجدير بالتّنبيه عليه والتّذكير به أنّ طلب العلم منه ما هو فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية:

وفرض العين نوعان:

أ) ما يجب على جميع المكلّفين في كلّ حال، كعلم التّوحيد، وأغلب التّكاليف.

ب) ما يجب على جميع المكلّفين في بعض الأحوال، فالغنيّ يجب عليه تعلّم أحكام الزّكاة، والتّاجر يجب عليه تعلّم أحكام البيع، ومن كان على أبواب الزّواج وجب عليه تعلّم أحكام الزّواج وهكذا.

أمّا فرض الكفاية: فضابطه أن يكون هناك عددٌ كافٍ في طلبه وتحصيله، وإلاّ أثِم القادر عليه التّارك له.

قال القرافيّ رحمه الله في " الفروق " (1/266):

" قال أبو الوليد الطّرطوشيّ: أمّا مخالفتهما - أي: الوالدين- في طلب العلم، فإن كان في بلده يجد مدارسة المسائل، والتفقّه على طريق التّقليد، وحفظ نصوص العلماء، فأراد أن يظعَن إلى بلد آخر فيتفقّه فيه على مثل طريقته، لم يجُزْ إلاّ بإذنهما؛ لأنّ خروجَه إذاية لهما بغير فائدة.

وإن أراد الخروج للتفقّه في الكتاب والسنّة، ومعرفة الإجماع، ومواضع الخلاف، ومراتب القياس، فإن وُجِد في بلده ذلك لم يخرج إلاّ بإذنهما، وإلاّ خرج ولا طاعة لهما في منعِه؛ لأنّ تحصيل درجة المجتهدين فرض على الكفاية "اهـ.

قال رحمه الله:

( الأُولى: العِلْمُ؛ وهوَ معرفةُ اللهِ، ومعرفةُ نبيِّهِ، ومعرفةُ دينِ الإسلامِ بالأدلّةِ.

الثّانيةُ: العملُ بهِ.

الثّالثةُ: الدّعوةُ إليهِ.

الرّابعةُ: الصّبرُ علَى الأَذى فيهِ.

الشّرح:

هذه المسائل الأربع قد ذكرها ابن القيّم رحمه الله في " زاد المعاد " (3/5)، فقال:

" فجهاد النفس أربعُ مراتب أيضاً:

إحداها: أَنْ يُجاهِدَها على تعلُّم الهُدى ودين الحقّ الّذي لا فلاح لها، ولا سعادة فى معاشها ومعادها إلاّ به، ومتى فاتها عِلمُه، شقيت في الدَّارين.

الثّانية: أن يُجاهِدَها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرَّدُ العلم بلا عمل إن لم يَضُرَّها لم ينفعْها.

الثّالثة: أن يُجاهدها على الدّعوة إليه، وتعليمِهِ مَنْ لا يعلمهُ، وإلاّ كان مِن الّذين يكتُمون ما أنزل الله مِن الهُدى والبيّنات، ولا ينفعُهُ علمُهُ، ولا يُنجِيه مِن عذاب الله.

الرّابعة: أن يُجاهِدَها على الصّبر على مشاقِّ الدّعوة إلى الله، وأذى الخلق، ويتحمَّل ذلك كلّه لله.

فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربَّانِيينَ "اهـ.

قوله رحمه الله: ( الأُولى ) أي: من هذه المسائل الأربع ( العِلْمُ؛ وهوَ معرفةُ اللهِ ):

ومعرفة الله تعالى أوّل واجب على المكلّف: أن يعرف أسماءه عزّ وجلّ وصفاته، ومعرفة الله الصّحيحة لا تكون إلاّ بالنّظر في كتابه، وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم. فإنّه قد تجلّى لعباده في كتابه بصفاته ليحبّوه، ويخافوه، ويرجوه، ويعظّموه.

قال ابن رجب الحنبليّ رحمه الله في "فضل علم السّلف على الخلف" (ص 67):" العلم النّافع ما عرَّف العبدَ بربّه، ودلَّه عليه حتّى عرفه ووحَّده وأنِس به، واستحى من قربه، وعَبَده كأنّه يراه ". حتّى قال:" فإن كان - أي: العلم - مُتلقّى عن غير ذلك فهو غير نافع في نفسه، ولا يمكن الانتفاع به، بل ضرّه أكثر من نفعه ".

ويقول ابن القيم رحمه الله في " الصّواعق المرسلة ":

" مفتاح دعوة الرّسل، وزبدة رسالتهم، معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ إذ على هذه المعرفة تُبْنَى مطالب الرّسالة كلّها من أوّلها إلى آخرها " [" الصّواعق المرسلة " لابن القيّم (1/150-151].

وثمرات معرفة الله عزّ وجلّ لا تُحصى، منها:

- أنّ الاشتغال بمعرفة الله، اشتغال بما خلق له العبد، وتركه وتضييعه إهمال لما خلق له.

- أن معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى من أعظم أسباب زيادة الإيمان [" التّوضيح والبيان لشجرة الإيمان " للسّعدي ص (41)].

- إجلاله سبحانه، وتعظيمه، وخشيته، ومهابته، ومحبّته، ورجاءه، والتوكّل عليه، والرّضا بقضائه، والصّبر على بلائه:

فإذا تعرّف العبد إلى ربّه بصفات الكمال الدالّة على سعة علمه وإحاطته كصفات العلم، والسّمع، والبصر، والمعيّة، وغيرها، أورثه ذلك كلّه الخوف منه تعالى وتعظيمه.

وإذا عرف العبد ربّه بصفات الجمال كاللّطف، والرّحمة، والعفو، والمغفرة، والتّوب، والسّتر فإنّه لا ييأس من روح الله.

كما أنّه إذا تعرّف على صفات الجلال كالغضب، والمقت، والأسف، واللّعن، والسّخط، لم يأمن مكر الله تعالى، وحينئذ يعبد العبد ربّه على جناحي الخوف والرّجاء، وهما جناحا طائر السّلامة.

وإذا تعرّف العبد على صفات الله الدالّة على قهره وقدرته وجبروته وهيمنته وسلطانه علم أنّ الله ما كان ليُعجزه شيء أبدا، فيحسن الظنّ به، ويعلم أنّه ما من شيء إلاّ ومن ورائه حكمة، لذلك يحسن بنا أن نتذكّر هذه الصّفات في أيّام محنتنا، وساعات كربتنا، حتى نحسِن الظنّ بربّنا، وأنّه تعالى عند وعده ولكنّ العبد ليس عند شرطه.

- ثمّ إنّ من المعلوم لدى أرباب الفطر السّليمة والقلوب القويمة، أنّ المحبّ يحبّ أن يتّصف بصفات محبوبه، كما أنّ المحبوب يحبّ أن يتصف محِبّه بصفاته .. لذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحثّ على الأحسن والأفضل ويذكّر النّاس أنّ الله يحبّها بقوله: (( إِنَّ اللهَ عَفُوٌّ يُحِبُّ العَفْوَ )).. (( جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ )) .. (( طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّباً )).

وما أحسن ما ذكره المقدسيّ رحمه الله في " كتاب التوّابين " عن عبد الواحد بن زيد قال:

كنت في مركب، فطرحتنا الرّيح إلى جزيرة، وإذا فيها رجل يعبد صنماً، فقلنا له: يا رجل، من تعبد ؟

فأومأ إلى الصّنم، فقلنا: إنّ معنا في المركب من يصنع مثل هذا، وليس هذا إله يعبد.

قال: فأنتم من تعبدون ؟ قلنا: الله.. قال: وما الله ؟ قلنا: الّذي في السّماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي الأحياء والأموات قضاؤه.

فقال: كيف علمتم به ؟ قلنا: وجّه إلينا هذا الملِك رسولاً كريماً، فأخبر بذلك.

قال: فما فعل الرّسول ؟ قلنا: أدّى الرسالة، ثمّ قبضه الله.

قال: فما ترك عندكم علامة ؟ قلنا: بلى، ترك عندنا كتاب الملك.

فقال: أروني كتاب الملك، فينبغي أن تكون كتب الملوك حساناً.

فأتيناه بالمصحف، فقال: ما أعرف هذا ! فقرأنا عليه سورةً من القرآن، فلم نزل نقرأ وهو يبكي، حتّى ختمنا السّورة.

فقال: لا ينبغي لصاحب هذا الكلام أن يُعْصى !

ثمّ أسلم، وحملناه معنا، وعلّمناه شرائع الإسلام، وسوراً من القرآن، وأخذناه معنا في السّفينة، فلمّا سِرنا وأظلم علينا اللّيل، أخذنا مضاجعنا، فقال لنا:

يا قوم، هذا الإله الّذي دللتموني عليه، إذا أظلم اللّيل هل ينام ؟ قلنا: لا يا عبد الله، هو عظيم قيّوم لا ينام.

فقال: بئس العبيد أنتم، تنامون ومولاكم لا ينام ؟! ثمّ أخذ في التعبّد، وتركَنا.

فلمّا وصلنا بلدنا، قلت لأصحابي: هذا قريب عهد بالإسلام وغريب في البلد، فجمعنا له دراهم وأعطيناه، فقال: ما هذا ؟

قلنا: تنفقها في حوائجك.

فقال: لا إله إلا الله ! أنا كنت في جزائر البحر، أعبد صنماً من دونه ولم يضيّعني، أفيضيّعُني وأنا أعرفه

ومضى يتكسّب لنفسه، وكان بعدها من كبار الصّالحين.

قوله رحمه الله: ( ومعرفةُ نبيِّهِ ).

وذلك لأنّه صلّى الله عليه وسلّم أعرف الخلق بالله تعالى، فلا يُعرَف الله إلاّ من طريقه.

أنت باب الله، كلّ امرئٍ *** أتـاه من غيرك لا يدخل

والتعرّف على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّما يكون بالتعرّف على هديِه، وسمتِه، وأقواله، وأفعاله، وتقريراته.

قوله رحمه الله: ( ومعرفةُ دينِ الإسلامِ )

أي: ما جاء من الأحكام العمليّة، وهو ما عبّر عنه شيخا الإسلام في الأصول الثّلاثة بالعمل الصّالح.

وقد أشار ابن القيّم رحمه الله في " نونيّته " إلى هذه الأصول، فقال:

والجهل  داء  قاتل، وشفـاؤه *** أمران في التّركيب  متّفقان

نصّ من القرآن، أو من سنّـة *** وطبيب ذاك العالم الربّانـي

والعلمُ  أقسامٌ ثلاثٌ  ما لـها *** من رابعٍ، والحقّ ذو تبيـان

علم  بأوصـاف الإله، وفعلِه *** وكذلك  الأسمـاء  للرّحمن

والأمر  والنّهي الّذي هو  دينه *** وجزاؤه  يوم  المعـاد الثّاني

والكل في القرآن والسّنن التي *** جاءت عن المبعوث بالفرقان

والله ما قـال امـرؤ متحذلق *** بسـواهما إلاّ من الهذيـان

[يُتبع إن شاء الله]

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.